يتفق المتابعين أن الاحياء تزخر بعدد كبير من الموهبين الشباب والناشئين وصغار السن من محبي كرة القدم ، فجولة واحدة على حواري مكة وضواحيها تكفي لكي ترى بعينك مدى العشق الكبير للمستديرة الصغيرة من الكبار والصغار ، فإذا كانت شوارع وأزقة ريدوجانيرو في البرازيل تعكس مدى جنون وشغف كرة القدم عند أبناء السامبا والذي انعكس تماما على منتخبات البرازيل والتي أصبحت علامة بارزة في تاريخ كرة القدم .
نجد أيضا في المقابل أن شوراع وأزقة وأحياء ومدن المملكة بشكل عام ومكة المكرمة بشكل خاص أصبحت كرة القدم هي الهواية الملفتة للنظر فتكاد لاتمر في ناحية أو جهة دونما تجد من يزاول اللعبة الشعبية الاولى في العالم بكافة ألوانها وأشكالها فالجميع يجتمع ويتحد لمزاولة الكرة وان اختلفت الاعمار والشعارات ، فكرة القدم جمعت الشعوب والقلوب وسحرت الجميع بحبها وعشقها وان اختلف الفكر والجنس واللون والاهتمامات .
لقد تجولنا في ملاعب و شوراع مكة وأحياءها وأزقتها الضيقة فلم نجد ثقافة سائدة وهواية معشوقة سوى كرة القدم فشعارات الاندية والفرق المحلية والعالمية يتزين بها كل من يلعب الكرة ويتنافس فيها الجميع من أجل هدف واحد هو الفوز فهم يختلفون في تشجيعهم وتنافسهم وشعاراتهم لكنهم يتفقون على حب هذه الساحرة الصغيرة .
ولحب كرة القدم ومزاولتها صور وجنون ، فمنهم من يزاولها في الملاعب الترابية المختلفة المساحات ومنهم في الميادين العامة والساحات وبجوار الانفاق وتحت الجسور وفي الحدائق وفوق الأسطح وفي أي مكان حتى وان كان مساحته لاتتسع لخمسة لاعبين ، فلاعجب اذا قلنا عنها بانها الساحرة الصغيرة والمجنونة المستديرة .
هذا الجولة وان كان الغرض منها الوقوف على عشق شباب وأبناء مكة لكرة القدم إلا أنها أفرزت عن كم هائل من المواهب الشابة فعندما تتجول بناظريك في كل مكان توجد به كرة القدم فلابد أن تقع أعينك على موهبة كروية فذة ، فلو أننا إفترضنا أننا نعمل كشافين عن تلك المواهب لضمهم للأندية فسوف نخرج بقوائم تتسع لجميع أنديتنا السعودية وسوف نصدر أيضا إلى الدول الخارجية ، يقول أحد المسؤولين من احد الدول الخليجية والذي شاهد احدى بطولات كرة القدم في أحد أحياء مكة المكرمة الصيف الماضي : أن ظهور كرة القدم في الأحياء بهذه الصورة وبهذه المواهب الشابة يتطلب من الاندية السعودية البحث عن هؤلاء لان المستفيد الاول هي الكرة السعودية بشكل عام .
في الوقت الذي تنفق فيه الاندية ملايين طائلة لجلب لاعبين أجانب لا يتم الاستفادة منهم بالشكل الذي تريده الاندية فيعودون الى بلادهم مستفيدين من المبالغ التي تحصلو عليها من الأندية السعودية ، فلو تم صرف جزء من هذه الاموال على جلب لاعبيين محليين من المدارس أو فرق الاحياء لكان ذلك أفضل لأبناء البلد وفي مصلحة الكرة السعودية ، لكن الاندية لا تلتفت الى ذلك بل تتباهى بصفقات اللاعبين الاجانب ولاتكلف نفسها بالبحث عن المواهب في الاحياء والذين قد يتفوقون على كثير ممن تجلبهم الأندية من الاجانب والمنسقين .
إنها قضية هامة ومصيرية من اجل مستقبل أفضل للكرة المحلية ولكن الأندية والاعلام لم يتطرق لها فالأندية تريد اللاعب الجاهز فنيا ولياقياً وهذا بالتأكيد لايخدم الأهداف فالجميع يسعى لبناء جيل موهوب من اللاعبين تعتمد عليه الأندية والمنتخبات في المستقبل ، ولعل مايقوم به صاحب السمو الملكي الامير خالد بن عبدالله بن عبدالعزيز من جهود بعد انشاء أكاديمية النادي الاهلي واهتمامه بالقاعدة السنية في النادي ، هو نموذج مثالي للفكر الراقي والذي يعتمد على بناء جيل متكامل ومميز لخدمة أهداف الكرة السعودية بشكل عام .
وإذا كانت مكة وأبنائها لهم حكاية عشق مع كرة القدم فإن ذلك سينعكس بلاشك على النادي المكاوي ( نادي الوحدة ) فمدينة صنعت ولازالت تصنع النجوم من باب أولى أن يكون بها نادي يقارع الكبار ويقف على منصات التتويج ، ولكن أوضاع فرسان مكة لاتسر اطلاقا ، فالحقيقة تقول أن النادي بدرجاته الثلاث الأول والشباب والناشئين يغيب عن البطولات ومنصات التتويج لفترة طويلة على الرغم من أن حواري مكة تنبض بحب كرة القدم ، فلابد أن تكون هناك أسباب ومسببات لهذا الغياب المحزن .
فالسؤال البديهي هو مادامت مكة المكرمة وملاعبها شاهد عيان على مدى وجود المواهب الشابة في كرة القدم لماذا لانجد ذلك يتجلى في وضع الكيان الوحداوي ؟؟؟؟
كل تلك المواهب الكروية لاتجد الأهتمام من النادي ولايوجد هناك خطط مدروسة ولا عمل منهجي ، فالنادي يعتمد أحياناً كثيرة على منسقي الأندية الأخرى ( وكأن مكة المكرمة لايوجد بها لاعبين ) ، وبالنسبة للفئات السنية فالوضع محزن ولايأتي وفق التطلعات حتى أن بعض فرق الحواري أنشأت أكاديميات خاصة بها تفوقت على ناشئين النادي في صورة واضحة من التخبط وعدم التخطيط السليم في نادي رسمي في رعاية الشباب .
ولو كلف المسؤولين في نادي الوحدة أنفسهم بجولة بسيطة في حواري مكة لخرجوا بقوائم مميزة من المواهب الكروية لايتسع لهم النادي ولاقوائم رعاية الشباب .
لكن الشللية والواسطات والمحسوبيات ظلت وصمة محزنة على جدران الوحدة ، فالكثير من أبناء مكة يشتكون من ضعف الاهتمام عند الزيارة الأولى للنادي ، بالإضافة إلى عدم وجود منهجية واضحة لاستقبال اللاعبين المميزين والمستجدين فضلاً عن الواسطات التي ترمي بالمواهب ممن لا يوجد لديهم وساطة إلى خارج أسوار النادي وذلك بالتطفيش والمماطلات وغير ذلك .
فإذا كان الوضع في النادي هكذا فلاغرابة أن تكون هناك مواهب كروية مدفونة ، وكثير من أبناء مكة المكرمة سافروا إلى أندية أخرى وهناك أمثلة كثيرة ، والبعض منهم استسلم للأمر الواقع وظل يمارس المعشوقة الصغيرة في الحواري والأزقة عندما لم يجد لا أذانا صاغية ولا عيناً تلتفت إليه .